في بيت متواضع البناء ،
يطل على حقل القمح بلونه الخلاب وتلـُفه الأشجار،
وبعض الورود التي ت**و المكان بجمالها .
يعيش خالد مع أسرته الصغيرة .
تعود من أمه التلقين لآيات القرآن
مع نطقه للحروف الأولى ،
وأخذ يحاكي والديه بأداء الصلوات منذ تحركت
أعضاؤه خارج مهده الصغير .
على أعتاب المرحلة المتوسطة ، بدأت أمه
حصاد تعبها ، وحرصها عليه ..
وفي ليلة أوت إلى الفراش ، بعد المعاناة من العمل بالمنزل طيلة النهار ،
مع مراعاة واجبات خالد ومتطلباته .
الوقت بعد منتصف الليل ، وقبل الفجر .
استدعاها التعب للتقلب في فراشها ،
وفي لحظتها شعرت بهمس أقدام خالد بصالة المنزل .
نفض النوم نفسه من عينيها . فتحت جفنيها على أقدام
خالد وهو يدخل غرفته . الوقت متأخر ، طردت الخواطر
المتزاحمة نومها : لماذا يقوم من نومه هذه الساعة ،
وما عهدتها عليه ؟ آااه . لقد كبر خالد .
لقد أفسد أصدقاء السوء
ما تعبت من أجل ثباته عليه .
تــُـرى هل قام هذا الوقت المتأخر لمشاهدة التلفاز ؟؟
ما عهدته مشاهدًا لمُحـرمات .
ألا يمكن أن يكون أحد زملائه بالمدرسة أعطاه شريط فيديو ،
وظن أن أنسب الأوقات لمشاهدته ونحن نيام ؟؟
لا.. لا . إنه من المؤكد التليفون . إنه على
الأرجح سيتصل بـــــ ....... . لا .
خرجت الخواطر تدفع مشاعرها دفعـًا ، وما برد قـلبُها إلا بدمعات
حزينة مفعـمة بالحب والخوف على ولدها خالد .
يــاااه . للمرة الأولى أشعر أنه كبـر .
أين حصاد السنوات من التوجيه والتربية . ترى هل قصرت معه ؟
هل يمكن أن يضيع كل ذلك في وقت قصير ، على غفلة منا ؟؟
كل هذا الشعور وغيره تدفق في لحظات قصيرة ،
تدفق وهو مشوب بالألم الذي اعتصر قلبها عندما ظنت أنها سترى
ابنها في لحظة الضعف ، وما كانت تظن أن ترى ما تعيشه الآن .
استجمعت قواها النفسية ، وسحبت جسدها المثقل
من سريرها . كتمت أنفاسها ،
وأخذت خطوات قصيرة نحو غرفة خالد .
وقد أعياها التفكير :
هل أفتح الباب عليه دون استئذان ؟؟ لا .. لقد
عودته أدب الاسلام بالاستئذان .
ــ هل أصـيح به بصوتٍ عالٍ ليعرف الجميع
لوعتي وحسرتي ؟؟ لا .
إنه الموقف الأصعب الذي أتعرض له .
كل ذلك ورجلاها تقتربان من الباب . استجمعت أنفاسَها ،
اقتربت من باب غرفة خالد فما شعرت إلا بيدها
على مزلاج الباب وقد أصابتها رعشة استمدت
قوتها من ضربات قلبها المتتابعة .
نظرت فوجدت نظرها وقد استجمع أركان الغرفة كلها في لحظات .
أقدامها على عتبة الغرفة . لا أثر لحركة بالغرفة . النور خافت .
لم تشعـر إلا وقد أيقظها صوتها العالي بترديدها : الحمد لله .. الحمد لله ...
لقد وجدته فوق سجادته يصلي ركعتين قبل أن يؤذن المؤذن لصلاة الفجر.
rgJJJJJJJJJf hghl<<