Cant See Images في الجزء الثاني من شهادته يتحدث الأستاذ محمد شمعة عن المرحلة الثانية من حياة الشيخ الشهيد وهي مرحلة العمل الجهادي ، ويقول عن تلك المرحلة : كان الشيخ يرى أنه يجب العمل والجهاد، وخصوصا بعد الإعداد والتكوين الذي مرت به حركة الإخوان كما كان هناك مطالبات من قبل شباب الحركة الذين كان عندهم حماس للعمل، وفي هذه الفترة أيضا كانت تحدث مناظرات بين ابناء الحركة والتيارات الاخرى الذين كانوا يتحدثون عن أن الحركة الإسلامية أو بالأحرى الإخوان تعيش على ماضي شباب الإخوان الذين قاتلوا وجاهدوا عام 1948م .
**العمل العسكري
ولذلك عندما أحس الشيخ أنه بدأ يملك العدد من الشباب الذين دخلوا الدعوة بدأ تطبيق الممارسة العملية بعد الإعداد التعبوي، وبدأ يطرح موضوع العمل العسكري على قيادة الحركة في عمان الذين كانوا يقولون له إن الأمر مبكر قليلا وسافر الشيخ بنفسه إلى الأردن لمناقشة الأمر معهم، وبعد ذلك تمت الموافقة على اتخاذ قرار بالتدريب وأحب الشيخ أن يذهب إلى مرحلة أكبر من التدريب فأراد الإعداد والحصول على أسلحة وتم تشكيل جهاز يرأسه الشيخ بنفسه ويتشكل من الدكتور الملح (طبيب أسنان) وكان من ضمن الهيئة الإدارية للإخوان في القطاع ود. إبراهيم المقادمة والأخ أبو ماهر تمراز وكان أيضا للشيخ دور ولكن بسيط في هذا الجهاز وتم تشكيل الجهاز العسكري وبدأوا بالاتصال لشراء السلاح ولخبرتهم البسيطة في ذلك الوقت وقعوا مع أحد العملاء من النصيرات وتعرض من في الجهاز للاعتقال ومنهم الشيخ الذي حكم عليه 13 سنة خرج بعدها بعام في صفقة تبادل الأسرى.
ويذكر شمعة أنه عندما تم كشف أمر الجهاز اجتمعت الهيئة الإدارية وتمت نصيحة د. الملح بالمغادرة والسفر إلى الخارج لأنه لم يكن حينها قد ذكر اسمه في التحقيق، وبالفعل استطاع السفر.
كما عملنا على تهريب د. إبراهيم المقادمة إلى الخارج عن طريق البحر ولكن لم يتم ذلك وتم اعتقاله واعتقلت أيضا مجموعة من جباليا البلد ومنهم د. محمد شهاب كما تم اعتقال أبو ماهر تمراز من جباليا.
وكانت هذه ضربة قوية فلأول مرة يتم اعتقال جماعي لقيادات من الحركة ومنهم عدة شخصيات كانت في الهيئة الإدارية مثل الشيخ د. إبراهيم المقادمة ود. الملح وأبو ماهر تمراز.
ولكن بالرغم من ذلك واصلت الحركة مسيرتها وتم اختيار الأستاذ عبد الفتاح دخان لقيادة الحركة والذي عاصرت الحركة في ذلك الوقت فترات عصيبة من المشاكل والصراعات مع التنظيمات مثل فتح والجبهة الشعبية وتم الاعتداء على بعض أفراد من الحركة ، وتم الرد على هذه الاعتداءات.
وبعد سنة خرج الشيخ وبقي فترة بعيدا حتى استقر وأرسل يطلبني وقال: أين أنتم يا أبا حسن وبدأت أذهب إليه وأطلعه على مجريات الأمور وبعد مضي مدة من الزمن رجع لحضور لقاءات القيادة.
Cant See Images
**المحطة الثانية
المحطة الجهادية الثانية كانت للشيخ في تأسيس حركة حماس وإشعال الانتفاضة وفي هذه المرحلة يقول شمعة: تداعت قيادة الإخوان للاجتماع الطارئ على أثر حادث المقطورة وذلك لبحث ما يجب عمله ردا على هذه الحادثة التي أودت بحياة بعض العمال والتي كانت بشكل متعمد وفي هذا اللقاء تم التنسيق لمسيرة وتم الاتصال مع الكتلة الإسلامية لتقوم بترتيب هذه المسيرة وفي ظل التوقع أن تقوم سلطات الاحتلال بإغلاق الجامعة الإسلامية في اليوم التالي ، تم التحضير لترتيبات جديدة إذا أغلقت الجامعة وذلك بأن يقوم شباب الكتلة كل من موقعه ومكان سكناه بالقيام بالمسيرات والمظاهرات وفعلا كما كان متوقعا تم إغلاق الجامعة وكان هذا الأمر خيرا حيث شملت المظاهرات جميع أنحاء القطاع بدلا من مدينة غزة لوحدها وكان أعنفها وأشدها في مخيم جباليا ومدينتها ومخيم خان يونس حيث وقع صدام مع قوات الاحتلال، وكانت مآذن المساجد تذيع النداءات والأناشيد الحماسية وبقدر ما كان جيش الاحتلال يشدد من قمعه كانت ردة فعل الشباب تشتد وبدأت الحركة تصدر بيانات تحث فيها الجماهير على المواجهة وقد صدر أول بيان باسم حركة المقاومة الإسلامية وكان قبل الاجتماع الأول تصدر منشورات بأسماء مختلفة وصدر أحد البيانات باسم الإخوان المسلمين، وبعد صدور البيان الأول الموقع باسم حركة المقاومة الإسلامية تم وضع الأحرف الثلاثة الأولى تحت التوقيع ح.م.س حتى تم اختيار مصطلح حماس والذي اقترحه أحد الإخوة في الضفة الغربية بعد أن انتقلت الأحداث إليها.
وبعد أسابيع من اندلاع الأحداث عقدت اجتماعات قيادية وسياسية لدراسة الاستمرار في المواجهة أو التوقف ثم دراسة الايجابيات والسلبيات لكل خيار وتم اعتماد طريق الاستمرار بالمواجهة وكان من مؤيديه الشيخ الذي كان عنده توجه للمواجهة مع جيش الاحتلال وذلك بالرغم من الآن البعض كان يرى أنه يجب أن نحافظ على شبابنا الذي سيكونون عرضة للاستشهاد أو الاعتقال أو الإصابة، ولكن الشيخ كان يقول لا يمكن أن نحيا إلا بالجهاد والمواجهة وهو من وضع أسس المواجهة وكان أول من حرك هذا العمل الجماهيري.
**قيادة بديلة
بعد أشهر قليلة من اندلاع الانتفاضة الأولى تعرض حماس لحملة اعتقالات واسعة شملت المؤسسين للحركة و الشيخ ، واعتقل محمد شمعة في 27 سبتمبر من العام 1988 وحكم عليه بالسجن 15 شهرا حيث وجهت له من ضمن بنود لائحة الاتهام عضوية حماس ومسئولية الشاطئ. ويقول شمعة إن الحركة كانت متوقعة حملة الاعتقالات تلك وفي إحدى جلساتها التي سبقت الاعتقالات تم وضع قيادة بديلة ليتم الاتصال بها في حال ضرب القيادة الحالية واعتقال أفرادها لتتولى مسئولية الحركة حتى لا يحدث فراغ ، وكان كل شخص يعرف دوره وتولوا الأمر وكان الشيخ في الخارج أيضا حتى تم اعتقاله في ضربة 1989 م
**محنة 1996
مرحلة أخرى صعبة مرت على أبناء الحركة يتحدث عنها شمعة وهي حملات الاعتقال والملاحقة التي تعرض لها قادة وعناصر حماس من قبل السلطة الفلسطينية ويقول عن هذه الفترة : في عهد السلطة وبعد اعتقال جميع الإخوة في عام 1996 ولم يبق في الساحة إلا أنا فقمت بالتحرك وعمل اتصالات مع كل الشخصيات والفصائل لرفع المعاناة التي وصل لها إخواننا في المعتقلات وتم ترتيب لقاءات مع رئيس السلطة الراحل أبو عمار وآخرين من قيادات السلطة.
**زيارة السجن
كما كانت هناك مشكلات تواجه الحركة في مواصلة العمل أو التريث في ظل الفترة طلبت مني السلطة أن أقوم بزيارة الشيخ في سجنه وبالفعل تم ترتيب زيارة وكان معي الشيخ سيد أبو مسامح، ذلك في نفس العام ورافقنا في الزيارة هشام عبد الرازق وزير شؤون الأسرى وكانت هذه الزيارة لسجن الرملة ودخلنا أحد المكاتب وأحضروا الشيخ وخرجوا وبقيت أنا والشيخ سيد أبو مسامح مع الشيخ، ويشير شمعة إلى أن هدف السلطة من ترتيب هذه الزيارة أن يصدر أمر من الشيخ لتهدئة الأمور وإيقاف العمليات التي اعتبرها أنها تحول دون تلبية الإسرائيليين لما عليهم من استحقاقات اتفاقية السلام أما الهدف الذي أردنا تحقيقه من الزيارة أن نستطلع رأيه في جملة من الأمور وبالرغم من أنهم تركونا لوحدنا مع الشيخ في المكتب إلا أننا كنا حذرين من التحدث معه بحرية خوفا من وجود وسائل مراقبة وتنصت كما كان الشيخ ما زال يعاني من مشاكل سمعية وكنا نقوم بكتابة ما أردنا قوله له على ورقة والكلام العام كنا نرفع صوتنا ونتحدث بشكل عادي.
أما ما دار في اللقاء حسب ما يقول شمعة فتم مناقشة أولا قضية التحقيقات التي كان يمر بها المعتقلون من الحركة في السجون مع شباب من الحركة حيث كانت هناك تحقيقات داخلية بشكل كبير وحدث نوع من الشكوك والهوس الأمني فقد انع**ت الفتنة والمحنة في الخارج على نفسية الأفراد في السجون وكان عند البعض اهتزاز في الثقة وكان يحضر أهالي وعائلات بعض المعتقلين لمراجعتنا في التحقيقات التي كانت تحدث مع أبنائهم كما كان هناك من يرسل الرسائل من داخل السجن احتجاجا على ما كان يجري هناك، ولذلك أردنا أن يوجه الشيخ رسالة للشباب في السجون المختلفة ليتقوا الله في إخوانهم وان يحدث تعاون بين داخل السجن وخارجه ، وبالفعل كان الشيخ مستاء لما كان يحدث وقال إنه أرسل إلى القيادات في السجون انه سيحاول إيصال وجهة نظره في الموضوع.
أما القضية الثانية التي تمت مناقشتها مع الشيخ فهي قضية العلاقة مع السلطة وكان الشيخ يشاركنا في وجهة النظر أننا لسنا بمعنيين بمشاكل مع السلطة وأن صراعنا هو مع العدو وأنه يجب التعامل مع الموضوع لحكمة وأن أي عمل عسكري يجب أن تقيم نتائجه وشاركنا في مناقشة تلك القضية هشام عبد الرازق الذي حضر في نهاية النقاش .
وبالفعل فان سياسة الشيخ انه مهما بدر من السلطة يجب أن نجتاز المرحلة بدون مواجهة معها ورفع شعار :"لئن بسطت يدك لتقتلني ما أنا باسط يدي لأقتلك "
ويرى شمعة أن هذا التيار حقق نتائج جيدة حيث بدأت تنتهي مشاكل السجون حيث وجههم الشيخ إلى ضرورة التحقق من الأمور ووضع حد لما يجري هناك بل ذهب إلى أبعد من ذلك حيث شكل لجنة لدراسة الملفات حتى التي تم التحقيق بها وبدأت تصدر براءات لمن لم تثبت إدانته وتم رد الاعتبار لكثير من الأفراد.
أما بالنسبة لموضوع العلاقة مع السلطة فقد نقلنا وجهة نظره وبدأنا في التحرك من خلالها وقمنا بالاتصال بالفصائل وطرحنا وجهة نظرنا عليهم وتحدثنا معهم عن ممارسات السلطة الخارجة عن كل نطاق وقد تعرضت شخصيات للاعتقال أربع مرات في سجون السلطة .
***قبل خروج الشيخ من سجنه
وانتقل شمعة للحديث عن الفترة التي سبقت خروج الشيخ من سجنه ومحاولات إعادة التنظيم وقال إن كل تلك المحاولات لم يكتب لها النجاح ومن هذه المحاولات من شارك فيها د.إبراهيم المقادمة والشهيد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي بعد خروجه من السجن وتم الاتفاق على بعض الصيغ وكلها لم تكن ناجحة ولسبب في ذلك فقد بان أن الشخصية التي يجمع عليها الجميع التي لم تتوفر إلا في الشيخ كما ما زال هناك التأثر بالمحنة والفتنة السابقة كما أن هناك الكثير من الإخوة والأفراد الذين آثروا السلامة كما كان هناك من قال ،الفائدة من العمل السري ويمكن أن نعمل بشكل علني وكان خروج الشيخ الحل لكل تلك المشاكل ،فالله سبحانه وتعالى رتب كل شيء بقدر ليتم جمع الكلمة وتوحيد الصف وإعادة التنظيم على يديه.
وبدأ يستمع الشيخ في الأيام الأولى لكل أخ على حدة ومن الذين استمع لهم أنا والدكتور إبراهيم المقادمة وآخرين .
وبعدما حصل على الصورة كاملة طلب أن يتم تشكيل قيادة على أساس أن تتلوها مرحلة انتخابات عامة وداخلية في الحركة كما أرسل إلى بعض الإخوة المهمشين للاستفادة من خبراتهم ،كما أخذ بما توصلت إليه الاتفاقات قبل خروجه فلم ينقضها وإنما بنى عليها ،وبدأ في العمل لتوحيد الصف وكان هذا بقدر الله سبحانه وتعالى .
ويرى شمعة بحسب تجربته ومعايشته للحوادث التي مرت بالحركة انه ما أن تمر الحركة بحدث كبير أو خارج عن الإرادة في الحركة لينقلب الأمر إلى صالحها .
فقبل الانتفاضة الأولى مرت الحركة بظروف صعبة وعاشت صراعات مع الاتجاهات مرة مع اليسار ومرة أخرى مع فتح وكانت الحركة تتعرض لاتهامات ومزايدات وجاء تشكيل حماس ليظهر لهم أن هذه الحركة جهادية وأن السكوت هو مرحلة إعداد.
كما مرت الحركة أيضا بنفس الظروف في آخر الانتفاضة الأولى كما أن الإبعاد وهو حل لهذه القضايا وارتفعت أسهم الحركة.
وكذلك خروج الشيخ من السجن بعد المحنة التي مرت بها الحركة فكان عاصم من قاصمة شديدة تعرض لها في السنوات القاصمة ،فبعدما خرج الشيخ جمع شتات الحركة ووحد صفها وأرسى مبدأ الانتخابات من القاعدة إلى القمة وتم إرساء هذا المبدأ.
**مدرسة دار الأرقم
اهتم الشيخ بعد خروجه من السجن بتأسيس مدرسة دار الأرقم ورأس مجلس أمنائها وتولى شمعة منصب نائب رئيس الأمناء ويشير شمعة إلى أن الشيخ كان مهتما بشكل كبير ببناء هذه المدرسة وقد كانت أمنيته له وبدأت تتحقق هذه الأمنية عندما عرض عليه وهو في الخارج أن يكرموه ببناء بيت له أو ما يحتاجه فرفض واختار أن يمولوا بناء مدرسة وبالفعل تم وعده بذلك وبقيت قضية الحصول على ارض وقدم طلبا إلى السلطة التي لم تستجب وحاول استئجار ارض من الأوقاف ولم يتمكن له ذلك وأخيرا حصل على وعد آخر بتوفير مبلغ الشراء قطعة أرض وبالفعل تم هذا الأمر وبدأ البناء الذي استمر سنتين وسط عراقيل كثيرة حيث حاولوا منع البناء بالقوة ولكنه في النهاية تم افتتاح المدرسة للعام الدراسي 2000-2001 واهتم الشيخ بالمدرسة فكان في بعض الأحيان يذهب إليها مرة أو مرتين في الأسبوع ومنذ ساعات الصباح الباكر يصل إليها ويتابع قضاياها ومشاكلها .
Cant See Images
الصاعقة
بعد حياة دعوية وجهادية وصحبة طويلة دامت لأكثر من 37 عاما استشهد الشيخ الشهيد تاركا خلفه رفيقه شمعة الذي نزل عليه الخبر كالصاعقة وذلك بالرغم من أن الأمر كان متوقعا فقد كثف الإعلام الصهيوني تركيزه على الشيخ مما دفع شمعة أن يرسل له أن يكون حذرا ويحتاط فالتهديد كان جديا .
ويشير شمعة إلى أن الشيخ ترك بصمات واضحة في حياته ومنها التسليم والثقة بالله ففي أي أزمة كنا نمر بها في المدرسة خصوصا عند الرواتب وكنت أرى أن نقلص بعض النفقات فكان يقول توكل على الله وربك هو الذي ييسر .
وبالفعل عايشت هذا الأمر فقد حدث في إحدى المرات وأن كان هناك نقص في الرواتب وبعد يوم أو يومين جاء أحد الأشخاص باسم فاعل خير وتبرع بمبلغ يساوي العجز.
والشهر الماضي أيضا كان هناك عجز وكنت موعودا ببعض المال وتأخر فشكوت لأحد الإخوة فقال تعال وخذ المبلغ وبعد يومين توفر المبلغ الذي كنت انتظره وخرجنا من الأزمة وبالفعل فإن التسليم والثقة بالله كان أمرا مهماً تعلمته من الشيخ .